ما هو التحميض؟
قال الدارقطني: هذا محفوظ عن مالك صحيح.
وأخرج النسائي من طريق يزيد بن رومان عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر كان لا يرى بأسًا أن يأتي الرجل المرأة في دب.رها.
وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن علي قال: كنت عند محمد بن كعب القرظي، فجاءه رجل فقال: ما تقول في إتيان المرأة في دب.رها؟ فقال: هذا شيخ من قريش فسَلْه. يعنى عبد الله بن علي بن السائب. فقال: قذر ولو كان حلالًا.
وأخرج ابن جرير في كتاب النكاح من طريق ابن وهب عن مالك أنه مباح.
وأخرج الطحاوي من طريق أصبغ بن الفرج عن عبد الله بن القاسم قال: ما أدركتُ أحدًا أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال ـ يعني و.طء المرأة في دب.رها، ثم قرأ ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) ثم قال: فأيُّ شيء أَبْيَنُ من هذا؟
وأخرج الطحاوي والحاكم في مناقب الشافعي والخطيب عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن الشافعي سُئل عنه، فقال: ما صحَّ عن النبي (ص) في تحليله ولا تحريمه شيء، والقياس أنه حلال.
وأخرج الحاكم عن ابن عبد الحكم أن الشافعي ناظَرَ محمد بن الحسن في ذلك، فاحتج عليه ابن الحسن بأن الحر.ث إنما يكون في الفرج، فقال له: فيكون ما سوى الف.رج محرَّمًا ؟ فالتزمه فقال: أرأيت لو وطئها بين ساقيها أو في أعكانها، أفي ذلك حرث ؟ قال: لا. قال: أفيحرم ؟ قال: لا. قال: فكيف تحتج بما لا تقول به ؟ (1)
هذه جملة وافرة من كبار علماء أهل السنة والجم١عة الدالة على جواز إتيا.ن المرأة في دب.رها، منقولة عن بعض الصحابة والتابعين وأئمة أهل السنة رحمهم الله تعالى، وما تركناه أكثر مما نقلناه.
لا شك أن هذه الأخبار معارضة لنص القرآن، إذ يقول الله تعالى: ( وَيَسْأَلُونك عن المح.يض قل هو أَذى، فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يَطْهُرْنَ )(البقرة /222) فلو كان إتيان الد.بر مباحًا لأمر باعتزال الفرج فقط ولقال (فاعتزلوا فروجَ النساء في المحيض) ولكن لما كان الد.بر مُحَرَّما إتيا.نه أمر باعتزال الفر.وج والأد.بار في محي.ض النساء بقوله ?ولا تقربوهن?.
على هذا الاستدلال يحرم الاست.متاع بالحائ.ض بأي نحو من أنحاء الاست.متاع، سواءًا أكان في الفر.ج أم في الد.بر أم في غيرهما، وهذا لا يقول به أحد، وتردّه أقوال علماء أهل السنة فإنهم نصُّوا على أنه يجوز مباشرة الحائ.ض، ويجب اجتناب خصوص الف.رج.
فقد قال ابن كثير في تفسيره: فقوله ( فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي المَحِيضِ ) يعني الفر.ج، لقوله: (اصنعوا كل شيء إلا النكا.ح). ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه يجوز مباشرة الحائ.ض فيما عدا الفر.ج.
قال أبو داود أيضًا: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد عن أيوب عن عكرمة عن بعض أزواج النبي (ص): كان إذا أراد من الحائ.ض شيئًا ألقى على فر.جها ثوبًا (1).
وقال القرطبي في تفسيره: وقد اختلف العلماء في مباشرة الحائ.ض وما يستباح منها…
إلى أن قال: وقال الثوري ومحمد بن الحسن وبعض أصحاب الشافعي: يجتنب موضع الد.م، لقوله عليه السلام: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)، وقد تقدَّم، وهو قول داود، وهو الصحيح من قول الشافعي، وروى أبو معشر عن إبراهيم عن مسروق قال: سألت عائشة ما يحل لي من امرأتي وهي حا.ئض ؟ فقالت: كل شيء إلا الفرج. قال العلماء: مباشرة الحا.ئض وهي مُتَّزرة (2) على الاحتياط والقطع للذريعة، ولأنه لو أباح
(1) تفسير القرآن العظيم 1/258.